الثلاثاء، 21 فبراير 2012

قايين وهابيل ( 1 ) - القديس إمبروسيوس أسقف ميلانو - ترجمة د. جورج عوض


القديس إمبروسيوس أسقف ميلانو

عن قايين وهابيل ( 1 )

ترجمة عن الترجمة اليونانية د جورج عوض إبراهيم

"Περί το Κάϊν κα το βελ"

ΜΕΤΑΦΡΑΣΗ ΑΠΟ ΤΑ ΛΑΤΙΝΙΚΑ

The First Family, by Cornelius van Haarlem, 1562 (Adam, Eve, Cain and Abel)

ΧΡΙΣΤΟΣ ΒΑΣΙΛΕΙΑΔΗΣ

ΘΕΟΛΟΓΟΣ-ΦΙΛΟΛΟΓΟΣ

Βιβλίο πρτο



Κεφάλαιον Α'

1-      إدراكنا لكل ماقلناه – في الكتاب السابق -   وأتى إلى ذهننا يعتمد علينا  بقدر الإمكان وعلى كل ما أعطانا إياه الله ، لقد تحدثنا عن الفردوس . في هذه المواضيع السابقة أوجزنا موضوع سقوط آدم وحواء .

دعونا الآن نتتبع السرد التاريخي لأن تلك الخطية لم تنحصر في فاعليها بل - بأكثر إنتشاراً – صارت أسوء ميراث ، ودعونا نتتبع بجهدنا كل العناصر الموجودة في هذة القصة التاريخية بحسب الكتب المقدسة .

2-     عَرِفَ آدم حواء إمرأته التي حبلت وولدت قايين وقالت : «اقْتَنَيْتُ رَجُلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ» ( تك1:4 ). وعندما نحصل على عطايا منه وبسببه ومن خلاله يجب ان ما نقتنيه  منه نقتنيه كما من شخص محسوس مادي ، وما نحصل عليه بسببه يعلن انه هو الصانع والخالق وما نقتنيه من خلاله أي بواسطته كما من وسيلة وأداه .

بناء على ذلك ،  تقول هنا الآتي : " أقتنيت رجلاً من عند الله " لكي تدرك أن الله كوسيلة وأداه . أيضاً لكي تدرك الله كمسبب وخالق . إنها بالحري تنسب ما أقتنته لله ، لأنها قالت : " أقتنيت رجلاً من عند الرب " لكي نحن أيضا ً عندما نقتني شيء ، سواء الأحداث الصالحة ، ينبغي علينا  بالحري ان ننسبها إلى الله عن ان نعتبر أنفسنا أننا أغتصبناها .

3-     " ثُمَّ عَادَتْ – أضافت - فَوَلَدَتْ أَخَاهُ هَابِيلَ " ( تك2:4 ) . عندما يُضاف شيء جديد ، يُلغى السابق . وهذا يسري  سواء من جانب علم الحساب أو من أفكار النفس : لأن إضافة رقم يُنتج رقم آخر ، يُخفي السابق : لكن أيضاً يأتى فكر جديد ، يصادر السابق .

إذن بإضافة هابيل أُلغي قايين . هذا يُدرك بالتمام بواسطة تفسير الأسماء . لأن إسم قايين يعني إقتناء ، لأنه إقتنى كل شيء لذاته . أما هابيل فهو ينسب كل شيء إلى الله بتقوى وبذهن مخلص محدق تجاه الله ، لا يدخر شيء لذاته  ، مثل أخيه  الأكبر  ، بل ينسب للخالق كل شيء يناله منه .

4-     بناء على ذلك توجد طريقتين للحياة والسلوك نستنتجها من إسم الأخوين ، طريقتين تحارب الواحدة الأخرى وتضادها . واحدة تنسب كل شيء إلى عقل الإنسان كما لو هو القائد وكأنه سبب الفكر والإحساس وكل حركة حيث كل الإبتكارات  ترجع إلى العبقرية البشرية . الطريقة الثانية هي تلك التي تنسب كل شيء إلى الله بكونه الصانع والخالق لكل شيء وتخضع كل شيء إلى قيادته مثل أب ومدبر . الطريقة الأولى تُعلن بواسطة إسم قايين والثانية بواسطة إسم هابيل . الطريقتين في التصرف تلدهما نفس واحدة ، لأجل هذا يُعتبرا أخين لأنهما نبتا من أم واحدة : لكن هما متضادان ، لأنه يجب ان الأثنين اللذين أتيا من ولادة النفس ان يفترقا وينفصلا . إذ ان الأثنين المحاربين لا يمكن معيشياً ان يسكنا في مسكن واحد . أخيرا أيضاً رفقه  ، لأنها حبلت نموذجين لطبيعة الإنسان ، نموذج للشر ، والآخر للخير . والأثنان كانت تشعر بهما يتقافزان ويتعاركان في بطنها ( لأن عيسو كان نموذج لفعل الشر ، أما يعقوب كان يحمل هيئة الخير ) ، كانت رفقة في حيرة ما عسى ان يكون ذاك حيث إنشقاق ما يخترق الجنين ، طلبت من الله ان يبعد الألم ويُعطي الشفاء . وأعطى الله الإجابة على توسلها . أمتين يوجدا في رحمك وشعبان سيخرجا من بطنك ( تك23:25 ) . لو ذكرت هذا الأمر على النفس سوف تدركها على أنها والدة الشر والخير ، لأن من النفس ينبعان كليهما ، لكن عادةً التقييم العاقل والحقيقي هو الآتي :لكي ترفض النفس الشر ،  عليها  قبلاً  لكي تلد هذا الصلاح ، أي التقوى التي تليق بالله ، لكي تنسب كل شيء لله ذاته ، يجب أن لا تُفضل ما يخصها . لأنها  بذلك تلد الإعتراف المنسوب لله ، فتنزع تكبر قلبها . إذن  هكذا أضاف الله الصلاح لنفس هابيل ، ونزع عنه  دناءة قايين .






الأربعاء، 8 فبراير 2012

أليس الله للأمم أيضاً ؟


أليس الله للأمم أيضاً ؟

 القديس كبرلس عمود الدين – تفسير سفر يونان – ترجمة د.جورج عوض

وأنا أتأمل في خدمة ورسالة يونان النبي خطر في ذهنى ما قاله بولس الطوباوي : " أَمِ اللهُ لِلْيَهُودِ فَقَطْ؟ أَلَيْسَ لِلأُمَمِ أَيْضًا؟ بَلَى، لِلأُمَمِ أَيْضًا لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ، هُوَ الَّذِي سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ بِالإِيمَانِ" (رو29:3ـ30). وهذا ما عَلَّمة بطرس الرسول من واقع خبرته وكرز لنا به قائلاً: «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ" (أع34:10ـ35). لأنه خلق "السموات والأرض البحر وكل ما فيها" (مز6:146), خلق أيضًا في البداية الإنسان "علي صورتنا كشبهنا" (تك27:1), حتى يتمم الأعمال التي تقود إلي الفضيلة, لكي يحيا في بهاء بالقداسة الطوباوية, ثم بعد ذلك إنجذب إلي الخطية منخدعًا من حيل الشيطان وهكذا سُلِم لللعنة والفساد. لكن عُين مسبقًا وعُرِف قبل بداية العالم أن المسيح سيعيد إصلاح الكل. لأن الله الآب أراد أن "يجمع كل شئ في المسيح ما في السموات وما علي الأرض" (أفسس 10:1). لكن مثل هذه الأنواع من الإنجازات حُفظت لوحيد الجنس حين صار مثلنا وأشرق علي العالم بالجسد. وقبل وقت مجيئه أظهر العناية بالضالين، وأولئك الذين إنخدعوا عن جهل أنعم عليهم بزيارته, وأراد أن نعرفه أيضًا من هذه الأمور ذاتها. لأنه أمر النبي الطوباوي أن ينتقل إلي نينوى. كانت نينوى مدينة فارسية تُوجد في الشرق وهي مدينة مشهوره, وكما قال إرميا النبي "كانت أرض المنحوتات" ( أر38:50 ). مدن كثيرة متآخمة لليهودية كانت تسجد للأصنام. علي سبيل المثالΤὺρος و Σισών (تيروس وسيسون) وكل جليل الأمم كانوا يسجدون لأعمال أيديهم وكان لديهم عدد لا يُحصي من أنواع الشياطين والمذابح والهياكل. لماذا, إذن إخبرني, بينما كانت المدن المجاورة في ضلال, أُرسِل النبي إلي نينوى البعيدة حيث كان يوجد بالفعل جمع أُميّ قد مالوا لعبادة الشمس, والنجوم والنيران؟ لأنهم قد إفتتنوا بلا حدود بالسحر الذي يبغضه الله. حقًا قيل عنه من جانب الله  بفم ناحوم: "مِنْ أَجْلِ زِنَى الزَّانِيَةِ الْحَسَنَةِ الْجَمَالِ صَاحِبَةِ السِّحْرِ الْبَائِعَةِ أُمَمًا بِزِنَاهَا، وَقَبَائِلَ بِسِحْرِهَا" (ناحوم 4:3). أعتقد أن الله الذي يعرف كل شئ أراد أن يُظهِر شيئًا مفيدًا لهؤلاء الأقدمين, بأن هؤلاء الذين إبتعدوا جدًا وأمُسكوا في قبضة الضلال سوف ينجذبون فى وقت ما إلي شبكة معرفة الحق حتى لو كانوا في قساوة ووصلوا للدرجة التي لا ينفع فيها أي لجام يضبطهم. لأن كلمة الله قادرة أن تغذي العقل وتقنعه وتعلمه كل ما سوف يجعله حكيمًا. إسمع ما قاله لأرميا: "من أجل أنكم تتكلمون بهذه الكلمة هانذا جاعل كلامي في فمك نارًا وهذا الشعب حطبًا فتأكلهم" (إر14:5), وأيضًا " أليست هذه كلمتي كنار يقول الرب وكمطرقة تحطم الصخر" (أر29:23).

لم يُرسَل يونان بلا هدف إلي أهل نينوى, بل لكي يُعطي برهان للصلاح الذي لدي الله، وسوف يظهره في وقت ما لأولئك الذين ضلوا عن جهل. لكن في نفس الوقت فإن الأمر يهدف إلي إدانة إسرائيل لأنه كان صعب جدًا في تربيته إذ كان غير مطيع وعاصي ولم يبالِ بنواميس الله. لأن أهل نينوى الذين كرز لهم واحد, تغيروا مباشرةً وتابوا, بالرغم من أن ضلالهم كان عظيماً جدًا, بينما أولئك إحتقروا موسي والأنبياء, بل إحتقروا المسيح ذاته, بالرغم من أنه أرفق تعليمه بمعجزاته والتي كانت بالطبع مقنعة لهم, وبسهولة جدًا. وبالرغم من أنه كان الله بطبيعته, صار إنسانًا (أنظر فيلبي6:2ـ7), لكي يخلص كل المسكونة وقبل الكل هؤلاء الآخرين. وهذا الأمر سوف يدين بني إسرائيل, إذ وضّحه المسيح ذاته, قائلاً: "رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا! " (مت41:12), كيف يوجد في حالة المسيح شيئ أعظم من يونان؟ لأن يونان هدد فقط بهلاك أهل نينوى, بينما المسيح أُعجبوا به لأنه وبخهم بمعجزاته التي لا تُوصف. لأن المعجزة كأنها ماكينة جذب تساعد دائمًا القول من جهة تصديقه والإيمان به. إذن أُرسل يونان عن عمد لكي يكرز لسكان مدينة نينوى ،إذ أن صراخ شرهم وصل إلي إله الكل لأنه لا يجهل إطلاقًا أي شئ. لأنه بكونه الله فهو ديان الكل. أيضًا قيل أن دم هابيل كان يصرخ عاليًا من الأرض إلي الله (أنظر تك10:4), وكذلك "صراخ سدوم وعمورة قد كثر وخطيتهم قد عظمت جدًا" (تك20:18).