لقب والدة الإله والفرق بين
السُكنى والاتحاد
يقولون عن السُكنى
إنها اتحاد، لكن ليس في داخل العذراء، وإنما بعد ولادته منها، فلنمضِ إذن لفحص هذا
الذي يُقال. فإذا كانوا يقرون ذلك لكي يقولوا إن المسحة صارت في شخص الكلمة
مع إنسان، فسوف يضطرون على أية حال أن يقولوا إنه بعد الاتحاد قد مُسِح. لأن كلاً
من النبي والرسول تحدَّثَا ناسبْين - بكل وضوح - المسحة له. إذن، فإذا كان
القديسون قد نسبوا للكلمة ما هو للإنسان بسبب الاتحاد، وبسبب أن له وجودًا
مشتركًا مع إنسان، فسوف يعترفون على أية حال بأن هذه المسحة قد صارت من بعد
الاتحاد.
ولو كان قد مُسح بعد الاتحاد، ولم يريدوا أن يقولوا إن الاتحاد
قد صار قبل أن يُولد من العذراء، عندئذٍ ينبغي أن لا يعترفوا حتى بأن العذراء هي
والدة المسيح. لأنه إذا كانت العذراء هي والدة المسيح، فهي أيضًا على أية حال
والدة الإله، لكن لو لم تكن هي والدة الإله، فلن تكون هي والدة المسيح.
لأنه، لو قِيل إن المسحة صارت بعد الاتحاد، ولأجل هذا تُنسَب
لشخص الكلمة، وكان الاتحاد قد صار – كما يقولون - بعد الولادة من العذراء،
فسوف لا تكون العذراء والدة المسيح. لكن إذا كانت العذراء هي والدة المسيح، فهي
أيضًا والدة الإله. وإن كانت العذراء هي والدة المسيح وصار الإتحاد فيها، فهي لم
تلد بعد إنسانًا، كما يقول هؤلاء، بل بسبب أنها ولدت الكلمة متجسدًا، إذن
عن حق يمكن أن تُدعى والدة الإله، لو كانوا يقبلون باتحاد حقيقي، لا الاتحاد الذي
يقولون عنه إنه صار للقديسين.
وهذا هو ما نقوله نحن أيضًا، لأنه ليس من الممكن أن القول بأن
هناك اتحادًا حقيقيًا بعد الولادة. لكننا نقبل المسيح، ليس كإنسانٍ اتَّحد مع
الله، لكنه الله الذي اتخذ ما هو للبشر τα ἀνθρώπινα، أقصد الجسد والنفس والعقل بدون خطية إطلاقًا،
حيث اتحد كل هذا مع الكلمة في العذراء القديسة.
لأجل هذا، حتى لو سمعتَ أنَّ المسيح يُدعى إنسانًا، فلا تنسىَ
أنه هو أيضًا إلهٌ. هكذا بولس الطوباوي، مدِركًا إيَّاه بكونه إلهًا، يكرز عنه
قائلاً: "اُذْكُرْ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُقَامَ
مِنَ الأَمْوَاتِ، مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ بِحَسَبِ إِنْجِيلِي" (2 تيمو
2: 8). وأحيانًا أخرى، يقول: "عَالِمِينَ أَنَّ
الَّذِي أَقَامَ الرَّبَّ يَسُوعَ سَيُقِيمُنَا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ"
(2 كو 4: 14). هل سمعتَ إذن بوضوح أن الذى هو من نسل داود المُقَام من الأموات
يُكرزُ به بكل وضوح ؟